ثقافة ومجتمع

إلى اللقاء زياد الرحباني

كتب : خضر حيدر

هوى زياد، الرحباني أبًا عن جَدٍّ، عن أمٍّ أيقونةٍ، عن نغمةٍ لا تُضاهى، عن طرفةٍ تستدرُّ الدمعة من شدَّة الضحك، كما تستدرُّ الضحكة من محجر الدموع.

هوى، بعدما ألقى على الفن عباءةً مغزولةً بإبداعٍ نادر، ووترٍ ساحر، وفكرةٍ تستشرفُ الآتي من غياهب الزمن الذي لمَّا يأتِ بعد.

يحقُّ لنا، نحن اللبنانيين، أن نفخر بما أنجبت سماؤنا وهواؤنا وأرضنا ومسرحنا وموسيقانا، وما أعطت للعالم من ضوءٍ في زمن العتمة.

يحقُّ لنا، نحن الذين عاصرنا الحروب وعصرتنا، أن نقتات من فسحة الأمل التي أفسح لها زياد مسرحه، باحثًا عن الكرامة لشعب عنيدٍ فريدٍ يستحقُّها وتستحقُّه.

جيل الحرب يذكر، أنَّ من حالَفه كمن خالَفه، جعله رفيق صباحاته وأماسيه، مستمتعًا بأغنياته الطربيَّة حينًا، والثوريَّة حينًا آخر، والساخرة أحيانًا، حتى أنَّ “خطوط التماس” توحَّدت على أن تقتطف منها فترات من هدوء نسبي.

لم يجُد الزمان من قبل، وظنّي أنَّه لن يجود من بعد، بإنسان وفنان على هذا القدر من الشفافية والحرية، أجمع على محبته والتعلُّق به واعتباره مثلًا أعلى في التعبير، جيل كامل من اللبنانيين والعرب، حفظ أغنياته، ورنَّم موسيقاه، وردَّد مقاطع من مسرحياته، وتناقل طرائفه التي، على بساطتها أحيانًا، تفتح بابًا للتحليل والتأويل والتفسير والتغيير.

هوى زياد، هوت مرحلة هي، بلا شكّ، علامة مضيئة سيذكرها التاريخ وتحفظها الأجيال في خزائنها كما الذهب العتيق، كما الرمق الفني الأخير

⚠ تنويه: المحتوى المنشور يعكس وجهة نظر كاتبه فقط، وإدارة الموقع لا تتبنى ذلك بناءً على سياسة إخلاء المسؤولية .
بواسطة
GOOD PRESS
المصدر
بريد الموقع

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى