صحافة ورأي

أدوار جديدة لتركيا وايران واسرائيل يحيكها الرئيس ترامب

عبد الهادي محفوظ
عبد الهادي محفوظ

أدوار جديدة لتركيا وإيران وإسرائيل يحيكها الرئيس ترامب

بقلم: عبد الهادي محفوظ

في تعامل الإدارة الأميركية مع دول الإقليم في الشرق الأوسط تلجأ واشنطن إلى طرح مطالب صعبة ما يجبر عواصم الدول إلى القبول بالتفاوض من موقع ضعف.
هذا هو أسلوب الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي يعتمد مفهوم ’’الصفقة‘‘ في العمل الديبلوماسي مصحوبا برسالة عسكرية تحمل طابع التهديد.

ما يسعى إليه دونالد ترامب في المنطقة هو أن تكون واشنطن هي الفاعل الرئيسي من دون منازع لا دولي ولا إقليمي.
فروسيا منشغلة بأوكرانيا وتحتاج إلى تحييد الولايات المتحدة وشلّ إمكانية التورط العسكري الأوروبي في النزاع.
والصين منشغلة بتايوان وإيجاد المخارج للضغوط الاقتصادية والضرائبية الأميركية وحماية أسواقها.
أما عواصم المنطقة، فكل منها يبحث عن مكان ما في الحسابات الأميركية مع تباين في التوجهات الإقليمية وصدام في المصالح والاستراتيجية.
عواصم الخليج تلتزم بالخيارات الأميركية من دون تنسيق فيما بينها، ذلك أن واشنطن تريد لكل منها دوراً قد يتعارض مع مصالح الأخرى.

أما الدول الإقليمية الثلاث ذات الحضور، تركيا وإسرائيل وإيران، فكل منها كانت تتوهم دوراً إقليمياً واسعاً في الإقليم.
تركيا تريد استعادة الإمبراطورية العثمانية اعتماداً على ’’الفكر الإخواني الإسلامي‘‘ وتراجع المنحى العروبي – القومي.
أما إيران فإنها اعتمدت تعميم النموذج الإسلامي الإيراني عبر بناء هيكليات خارجية واعتمدت فكرة تحرير فلسطين ورفض فكرة التفاوض، وصولاً إلى ما يتهمها به البعض بإقامة ’’الهلال الشيعي‘‘.
كما أن إسرائيل عبر اليمين الديني اليهودي سعت وتسعى إلى تغيير خريطة الشرق الأوسط والتوسع الجغرافي في دول الجوار وتهجير الفلسطينيين مستفيدة من ’’الضعف العربي‘‘ والتباين بين التوجهات التركية والإيرانية.

هذه الأبعاد للسياسات التركية والإيرانية والإسرائيلية والتي أصبحت ركيزتها التنافس أعطت المجال لسياسة أميركية فاعلة في الإقليم.
وهكذا العنوان الأساسي لهذه السياسة الأميركية هو لجم التوسع الجغرافي والسياسي للقوى الإقليمية الثلاث:

  • فعلى تركيا أن تتراجع عن طموحاتها الجغرافية في سوريا والعراق وأن يبقى الرئيس التركي أردوغان في حالة القلق من ’’الداخل التركي‘‘ وبنيته المتنوعة وأن يحسم موقفه من التيارات الدينية المتطرفة.
  • وعلى إيران إبقاء طموحاتها النووية في دائرة ’’الاستعمال السلمي‘‘ وأن تستبعد ’’الهلال الشيعي‘‘ من حساباتها أو استخدام ’’أذرعها الخارجية‘‘ بما يتعارض مع المصالح الأميركية.
  • كما على إسرائيل مع اليمين الديني اليهودي ونتنياهو أن يلتزم بالرؤية الأميركية للسياسات الإبراهيمية وألا تندفع باتجاه دولة دينية يهودية تكسر الطابع العلماني للحركة الصهيونية.

من هنا، هامش حركة نتنياهو السياسي والعسكري ألا يعاكس بالعمق ما تحيكه الإدارة الأميركية لمنطقة الشرق الأوسط، وخصوصاً في مجال التفاوض على الملف النووي مع إيران.
ما يستطيعه نتنياهو فقط هو التشويش في الملف اللبناني مؤقتاً وفي غزة إلى أمد محدد، بحيث إنه عندما تتوصل واشنطن وطهران إلى اتفاق، فإن المشهد في الإقليم سيكون متغيراً وستحدد أدوار كل من أنقرة وتل أبيب وطهران وفقاً للحسابات الأميركية ضمن معطيات جديدة.

 

⚠ تنويه: المحتوى المنشور يعكس وجهة نظر كاتبه فقط، وإدارة الموقع لا تتبنى ذلك بناءً على سياسة إخلاء المسؤولية .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

هل ترغب بتثبيت تطبيق Good Press على جهازك؟