بيروت :good-press.net |في الوقت الذي يُختزل فيه اضطراب الوسواس القهري (OCD) بعبارات سطحية مثل: “أنا مرتّب جداً” أو “أحب التناظر”، يغيب عن الكثيرين أنه اضطراب نفسي معقّد، يؤلم المصاب به بعمق ويُربك حياته اليومية، ويُحوّلها أحيانًا إلى كابوس مزمن.

© Getty Images
⚠️ “أنا OCD جداً؟”… لا، ليس الأمر طرافة
كثيراً ما يُستخدم مصطلح الوسواس القهري بشكل غير دقيق، ما يعكس جهلًا بطبيعة هذا الاضطراب الذي لا يعني حب النظافة أو الترتيب، بل هو حالة نفسية مرضية تتضمن أفكارًا دخيلة ومزعجة وسلوكيات قهريّة متكررة تهدف لتخفيف القلق المتولّد عنها.
مثال على ذلك، أمّ حديثة الولادة تتخيل بشكل قهري أنها قد تؤذي طفلها، مما يدفعها إلى طقوس متكررة لطمأنة نفسها… إنه ألم لا يُرى، لكنه حاضر ومرهق.
🔄 دائرة الوسواس والسلوك القهري
- الوساوس: أفكار غير مرغوبة، غريبة عن الشخص وتتناقض مع قِيَمه.
- السلوكيات القهرية: ردود أفعال متكررة (ظاهرة أو داخلية) لتخفيف القلق، مثل التحقّق، الغسل، العدّ، أو تكرار أدعية.
- النتيجة: دورة لا تنتهي بين الفكرة والقلق والفعل، ما يُنهك المصاب نفسيًا.
🔍 أنواع شائعة من الوساوس:
- وساوس التلوّث والخوف من الأمراض
- وساوس العدوانية (خوف من إيذاء الآخرين)
- وساوس دينية (تجديف، صور ذهنية محرّمة)
- وساوس التحقّق (الأبواب، الغاز…)
🧬 الأسباب: الوراثة، التجربة، الضغط
- يظهر غالبًا في سن المراهقة أو أوائل العشرينات.
- العامل الوراثي قوي، خاصة إذا بدأ الاضطراب في سن مبكرة.
- يمكن أن “يستيقظ” بعد حدث صادم أو ضغط نفسي كبير.
❗ الفرق بين OCD و”شخصية وسواسية” OCPD
- OCD: الوساوس تنافرية مع الذات (تتعارض مع قِيَمه).
- OCPD: الأفكار منسجمة مع الذات (مثل حب الكمال، دون معاناة).
وهذا الفارق هو ما يجعل المصاب بـOCD يتألّم فعليًا من هذه الأفكار، ويخجل منها ولا يتبناها.
🧪 هل هناك علاج؟
✅ نعم، بنسبة تحسّن عالية، يشمل:
- العلاج السلوكي المعرفي (CBT) – خصوصًا تقنية التعرض ومنع الاستجابة (ERP).
- أدوية SSRIs – بجرعات غالبًا أعلى من تلك المستخدمة للقلق أو الاكتئاب.
- التثقيف النفسي – لفهم طبيعة المرض وكسر حلقة الخوف – الفعل القهري.
مثال: مريض يخاف من التلوّث يُطلب منه لمس سطح دون غسله، ومع الوقت يتعلم الدماغ أن الخطر غير حقيقي.
🧘♂️ الخلاصة: ليس عيبًا… وليس “شخصية”
اضطراب الوسواس القهري لا يعني أن الشخص غريب الأطوار، بل هو يعاني من خلل في معالجة القلق داخل الدماغ.
التوعية والتفهم هما أولى خطوات الدعم، والابتعاد عن التنميط أو التهكّم ضرورة إنسانية وأخلاقية.