اقتصاد

الذهب يحلق إلى مستوى 3424 دولار.. والدولار يتراجع

انخفض الدولار إلى أدنى مستوى له في أكثر من ثلاث سنوات

الذهب يحلق إلى مستوى 3424 دولار
الذهب يحلق إلى مستوى 3424 دولار

ارتفاع تاريخي لأسعار الذهب عالميًا وسط ضعف الدولار وتصاعد التوترات التجارية

سجلت أسعار الذهب اليوم الإثنين مستوى تاريخيًا غير مسبوق، مدعومة بالإقبال على الملاذات الآمنة مع تراجع الدولار وتصاعد المخاوف بشأن تباطؤ الاقتصاد العالمي نتيجة اشتداد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين​okaz.com.sa. ففي أحدث التعاملات، ارتفع الذهب الفوري بنسبة 2.35% ليصل إلى 3404.96 دولار للأونصة، كما صعدت العقود الآجلة للذهب بنسبة 2.51% مسجلة 3412.10 دولار للأونصةokaz.com.sa. ويعكس هذا الصعود التاريخي مزيجًا من العوامل الاقتصادية والسياسية التي دفعت المستثمرين نحو المعدن النفيس هربًا من التقلبات في الأسواق الأخرى.

أسباب ودوافع الارتفاع القياسي

يأتي هذا الارتفاع القياسي لأسعار الذهب في ظل ضعف ملحوظ في قيمة الدولار الأميركي وتنامي التوترات التجارية والجيوسياسية على الساحة العالمية​okaz.com.sa. إذ أدى النزاع التجاري المتصاعد بين واشنطن وبكين – والذي تأجج بفعل سياسات الرسوم الجمركية التي تبناها الرئيس الأميركي دونالد ترامب – إلى اضطراب في سلاسل الإمداد وزيادة عدم اليقين الاقتصادي​aljazeera.net. وقد رفعت الحكومة الصينية بدورها التعريفات على السلع الأميركية ردًا على زيادات ترامب الجمركية، مما صعّد من حدة الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم​aljazeera.net. تزامن ذلك مع تراجع مؤشرات أسواق الأسهم العالمية تحت وطأة هذه التوترات، الأمر الذي عزز حالة الإحجام عن المخاطرة ودفع المستثمرين للبحث عن ملاذات أكثر أمانًا​okaz.com.saokaz.com.sa.

إلى جانب ذلك، أسهمت المخاوف من تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي وارتفاع معدلات التضخم في زيادة جاذبية الذهب. فمع ظهور مؤشرات على احتمال دخول الاقتصاد الأميركي حالة ركود، وتوالي البيانات الاقتصادية السلبية في الاقتصادات الكبرى، ارتفعت حدة القلق لدى المستثمرين بشأن المستقبل​aljazeera.net. ويجعل هذا القلق المعدن الأصفر خيارًا مفضلًا للتحوط وحفظ القيمة، خاصة مع استمرار الضبابية المحيطة بمسار السياسات النقدية وتقلبات أسعار الفائدة. يُذكر أن انخفاض الدولار ينعكس إيجابًا على الذهب، إذ أن ضعف العملة الأميركية يجعل الذهب المقوّم بالدولار أقل تكلفة لحائزي العملات الأخرى، وبالتالي يرتفع الطلب العالمي عليه​aljazeera.net.

آراء المحللين وتوقعات الأسواق

في ظل هذه المعطيات، يرى محللون أن الاتجاه الصاعد للذهب مرشح للاستمرار خلال الفترة المقبلة. يقول جيوفاني ستونوفو المحلل في بنك UBS: «يتلقى الذهب دعمًا من استمرار المخاوف بشأن مستقبل الدولار كعملة احتياط، ومن المرجح أن يستمر هذا الدعم. كما أن هيمنة الإحجام عن المخاطرة على معنويات المستثمرين – كما يظهر في تراجع البورصات – تساهم في صعود المعدن. نتوقع أن يبلغ الذهب 3500 دولار خلال الأشهر القادمة»okaz.com.sa. وتشير هذه النظرة إلى أن بريق الذهب يستمد قوته حاليًا من التشكيك في استقرار الدولار مستقبلاً، بجانب حالة القلق السائدة في أسواق الأسهم، مما قد يدفع الأسعار لمواصلة تسجيل قمم جديدة.

ومن جانبه، يوضح محمد صلاح، رئيس التشغيل في شركة «سبائك» للاستثمار في الذهب، أن المعدن النفيس يواصل تحطيم أرقامه القياسية مدفوعًا بعدة عوامل. وأكد في حديث لقناة «العربية Business» أن الذهب استفاد بشكل أساسي من تراجع الدولار في الربع الأول من العام، حيث حقق مكاسب تُقدر بحوالي 30% حتى الآن، يشكل ضعف الدولار نحو ثلثها​okaz.com.sa. «هناك أيضًا عوامل كثيرة تدعم ارتفاع الذهب، منها الصراعات الجيوسياسية والحروب التجارية التي تصاعدت بشكل كبير، إلى جانب التدفقات الاستثمارية على صناديق الذهب»، يقول صلاح مضيفًا أن هذه العوامل مجتمعة خلقت بيئة مواتية لمواصلة صعود المعدن​okaz.com.sa. ويرى محمد صلاح أننا قد نكون أمام مستويات تاريخية جديدة لأسعار الذهب، مرجحًا «وصول الذهب إلى 3500 دولار للأونصة بمنتهى السهولة قبل منتصف العام» إذا استمرت المعطيات الحالية​okaz.com.sa.

في السياق ذاته، يؤكد محللون إقليميون أن المستويات السعرية الحالية للذهب لا تعد “مبالغًا فيها” برغم كونها قياسية​alarabiya.net. ويرى نور الدين محمد، الرئيس التنفيذي لشركة تارجت للاستثمار، أن استمرار المخاطر العالمية والأخبار الاقتصادية السلبية سيواصل دعم صعود الذهب. ويذهب محمد إلى القول بأنه “إذا استمرت الأنباء السلبية، فقد نرى الذهب يلامس حاجز 4000 دولار للأونصة في النصف الأول من العام”alarabiya.net. لكنه يستدرك بأنه في حال ظهور انفراجات أو أخبار إيجابية مفاجئة على الساحة العالمية، فقد يشهد السوق بعض الهدوء أو التصحيح في أسعار المعدن الثمين. هذه التوقعات المتفائلة تعكس مدى الثقة التي يضعها الخبراء في الاتجاه الصعودي للذهب كملاذ آمن، في ظل أوضاع ضبابية قد تدفع بالمستثمرين إلى تعزيز حيازاتهم من الذهب على حساب الأصول الأخرى.

دور البنوك المركزية في دعم أسعار الذهب

لا يقتصر زخم السوق الحالي على المستثمرين الأفراد وصناديق الاستثمار، بل تلعب البنوك المركزية أيضًا دورًا محوريًا في مشهد ارتفاع أسعار الذهب. فقد تحولت البنوك المركزية حول العالم منذ عام 2010 إلى مشتري صافٍ للذهب بدلاً من بائع، وذلك لتعزيز احتياطياتها كوسيلة للتحوط وتنويع الأصول​alraeesnews.com. وشهد العام 2024 أكبر وتيرة مشتريات للبنوك المركزية من الذهب منذ عام 1967، في مؤشر واضح على الإقبال غير المسبوق على المعدن الأصفر​alkhaleejonline.net. ويُعزى هذا التوجه إلى عدة عوامل، منها تصاعد التوترات الجيوسياسية واستمرار الضغوط التضخمية، إضافة إلى الرغبة في تقليل الاعتماد على الدولار الأميركي في الاحتياطيات النقدية​alraeesnews.com.

وفي هذا السياق، يشير أحمد عزّام، رئيس الأبحاث وتحليل الأسواق في مجموعة Equiti، إلى أن الدولار الأميركي يواجه حاليًا عدة ضغوط ولم يعد يُعتبر ملاذًا آمنًا بالقدر نفسه الذي كان عليه سابقًا، الأمر الذي يعزّز من جاذبية الذهب كخيار بديل​x.com. كما أن قيام العديد من البنوك المركزية بتنويع احتياطياتها من خلال زيادة حيازة الذهب يدعم الأسعار على المدى الطويل، إذ يوفّر طلبًا مستمرًا وكبيرًا من جهات يُنظر إليها كمستثمر استراتيجي​alraeesnews.com. وقد بلغت مشتريات البنوك المركزية من الذهب ذروتها العام الماضي بنحو 1050 طنًا إجماليًا، مما ساهم في دفع أسعار الذهب العالمية إلى مستويات غير مسبوقة​alraeesnews.com. هذا الإقبال الكبير من البنوك المركزية يعكس إدراكها لأهمية الذهب كأصل احتياطي قادر على الصمود أمام الأزمات وتقلبات الأسواق، وهو ما يضيف طبقة أخرى من الدعم للسوق إلى جانب الطلب الاستثماري التقليدي.


بهذا المشهد، تجمع العوامل الدافعة لصعود الذهب بين ضعف العملة الأميركية وتصاعد التوترات الدولية، وبين تحركات المستثمرين المؤسسين والأفراد على حد سواء نحو الملاذات الآمنة. وبينما يواصل الذهب تحطيم أرقامه القياسية يومًا بعد يوم، تبقى الأنظار متجهة نحو السياسات الاقتصادية العالمية وتطورات المشهد التجاري والجيوسياسي. وفي ظل مؤشرات تدعم استمرار هذا الزخم الصعودي، قد لا يكون بلوغ مستويات قياسية جديدة سوى مسألة وقت، ليبقى السؤال المطروح هو: إلى أي مدى يمكن أن يصل بريق المعدن الأصفر في الأفق القريب؟​alarabiya.net

⚠ تنويه: المحتوى المنشور يعكس وجهة نظر كاتبه فقط، وإدارة الموقع لا تتبنى ذلك بناءً على سياسة إخلاء المسؤولية .
بواسطة
good-press
المصدر
وكلات

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى