الصين ترد بقوة على التصعيد الأمريكي: رفع الرسوم الجمركية إلى 125% في أبريل 2025
في ظل التوترات المستمرة بين أكبر اقتصادين في العالم، أعلنت الصين عن رفع الرسوم الجمركية على السلع الأمريكية إلى 125% اعتبارًا من 12 أبريل 2025. هذا القرار يمثل ذروة جديدة في الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة ، ويشير إلى تحول استراتيجي في نهج بكين نحو مواجهة الضغوط الاقتصادية والسياسية.

بقلم: Mohammed Saifeddine
استراتيجية صينية جديدة: الاحتواء التكتيكي والردع السيادي
الخطوة الصينية لم تكن مجرد رد اقتصادي تقليدي، بل جاءت كجزء من استراتيجية مزدوجة تعتمد على “الاحتواء التكتيكي” و”الردع السيادي”. الرئيس الصيني شي جينبينغ أكد أن بلاده لن تخضع لمنطق الردع الأمريكي، مشددًا في تصريحاته على أن “معاداة العالم تؤدي للعزلة”. هذه الكلمات ليست موجهة فقط إلى واشنطن، بل تمثل رسالة واضحة إلى العواصم الأوروبية التي تتردد بين الانحياز إلى المحور الأمريكي أو الحفاظ على علاقات متوازنة مع الصين.
الاقتصاد الصيني تحت الضغط: تحديات داخلية واستراتيجيات تكيف
يدخل الاقتصاد الصيني هذه الجولة من الحرب التجارية في حالة من التقلّب الحرج. مع استمرار الركود العقاري وارتفاع معدلات بطالة الشباب، أصبحت الصادرات شريان الحياة الأخير لنمو اقتصادي يتباطأ بشكل ملحوظ. ومع ذلك، فإن بكين لا تعتمد فقط على الرد الجمركي، بل تعمل على إطلاق حزمة من السياسات التحفيزية. وتشمل هذه السياسات تخفيف الاحتياطيات الإلزامية على البنوك، تقديم دعم مباشر للإنفاق الأسري، وتوسيع برامج إنتاج المنتجات الاستهلاكية.
تأثير الرسوم الجمركية على العلاقات الدولية
قرار الصين برفع الرسوم إلى 125% يحمل في طياته رسالة سياسية أكثر منها اقتصادية. فالصين تسعى لإظهار أنها لن تكون طرفًا سلبيًا في لعبة الإخضاع طويلة الأمد التي تفرضها واشنطن. هذا التصعيد يأتي في وقت تشهد فيه العلاقات الثنائية، التي تبلغ قيمتها حوالي 700 مليار دولار سنويًا، تحديات غير مسبوقة.
وفي المقابل، يواصل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب استخدام الرسوم الجمركية كسلاح جيوسياسي، حيث رفع الرسوم على المنتجات الصينية إلى 145%. كما تشير التحليلات إلى أن المرحلة المقبلة قد تشهد توسعًا في حظر تصدير التقنيات المتقدمة، مثل الرقائق الدقيقة وأدوات البيوتكنولوجيا، وهو ما يعتبر نقطة ضعف استراتيجية في النموذج الصناعي الصيني.
أوروبا في قلب المواجهة: البحث عن توازن جديد
تحاول الصين جذب الاتحاد الأوروبي نحو مقاربة ثالثة، عبر خطاب يدعو إلى “الاعتماد على الذات” في العلاقات التجارية. زيارته الأخيرة لرئيس وزراء إسبانيا إلى بكين تعكس رغبة الصين في تعزيز علاقاتها مع أوروبا، خاصة في ظل محاولات بروكسل فك ارتباطها التدريجي بالهيمنة الصناعية الصينية دون السقوط في فخ الاصطفاف الأمريكي المطلق.
خلاصة: نظام عالمي جديد في طور التشكل
التصعيد الحالي بين الصين والولايات المتحدة ليس مجرد خلاف اقتصادي، بل يعكس حسابات جيوسياسية معقدة ترسم ملامح نظام عالمي جديد. بينما تسعى الصين إلى تعزيز سيادتها الاقتصادية، تظل أوروبا لاعبًا محوريًا في تحقيق التوازن المرتجى بين القوى الكبرى.