صحافة ورأي

الضاحية “غير محيّدة”: هل تفتح إسرائيل باب المعادلات الجديدة مع لبنان؟

بحسب مصادر مطلعة، يحمل التصعيد رسالة واضحة مفادها أن الضاحية الجنوبية لم تعد مستثناة من بنك الأهداف الإسرائيلي،

في تطور لافت، عادت إسرائيل لاستهداف الضاحية الجنوبية لبيروت، في هجوم هو الثالث من نوعه منذ دخول اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل حيّز التنفيذ في 27 تشرين الثاني 2024، غير أن الضربة الأخيرة حملت دلالات مغايرة في الشكل والمضمون، ما يطرح تساؤلات جدية حول نية تل أبيب فرض معادلات وقواعد اشتباك جديدة على الساحة اللبنانية.

الغارة قبل قليل
الغارة قبل قليل

من الخرق إلى التصعيد الممنهج

صحيح أن الخروقات الإسرائيلية للهدنة لم تتوقف منذ توقيع الاتفاق، بذريعة ما تسميه “حرية الحركة”، إلا أن الضاحية بقيت نسبيًا بمنأى عن الاستهداف المباشر حتى نهاية آذار الماضي. آنذاك، اختارت إسرائيل موقعًا مكتظًا داخل الضاحية لضربه، بحجة الردّ على ما وصفتها بـ”الصواريخ اللقيطة”، ما مثّل أول رسالة مباشرة إلى “من يعنيهم الأمر”.

تكرر القصف مطلع نيسان، في إطار عملية اغتيال استهدفت عنصرًا في “حزب الله” زعمت إسرائيل تعاونه مع “حماس”، إلا أن الهجوم الأخير في 27 نيسان تجاوز كل السوابق، باستهدافه عمق الضاحية دون مبرر فوري، وعلى هدفٍ لا يتعدّى كونه خيمة أو هنغارًا، رغم ادّعاء تل أبيب أنه يُستخدم لتخزين أسلحة دقيقة.

هل أصبحت الضاحية هدفًا مفتوحًا؟

بحسب مصادر مطلعة، يحمل التصعيد رسالة واضحة مفادها أن الضاحية الجنوبية لم تعد مستثناة من بنك الأهداف الإسرائيلي، ما يعني أن ما يُسمى “حرية الحركة” بات يشملها علنًا. ويتقاطع هذا التحول مع تكتيك نفسي تقوده إسرائيل في مواجهة حزب الله، القائم حتى اللحظة على الامتناع عن الرد المباشر رغم تكرار الاعتداءات.

في هذا الإطار، يرى مراقبون أن إسرائيل تسجل “نقاطًا سياسية ومعنوية” على حساب الحزب، الذي لطالما اعتبر أن استهداف العاصمة وضاحيتها خطٌ أحمر، وكان يلوّح بمعادلة “تل أبيب مقابل الضاحية”. أما اليوم، فالردّ اقتصر على مطالبة الدولة اللبنانية بإدانة العدوان، والدعوة إلى تدخل الدول الضامنة للاتفاق، لا سيما الولايات المتحدة وفرنسا.

رسائل أبعد من بيروت

لا تقتصر أهداف الهجوم الإسرائيلي على الحرب النفسية فقط، بل تتعداها إلى رسائل إقليمية تتزامن مع أجواء إيجابية رافقت الجولة الثالثة من المحادثات الأميركية – الإيرانية. ويبدو أن تل أبيب تسعى لإفشال هذا المسار عبر التصعيد، وربما جرّ المنطقة إلى مواجهة تعرقل أي تفاهم مستقبلي.

أما داخليًا، فقد فُسّر القصف في سياق النقاش اللبناني الحاد حول سلاح حزب الله، وكمؤشر على عودة إسرائيل إلى خيار “نزع السلاح بالقوة” في حال فشل المسار السياسي والدبلوماسي.

محاولة استدراج أم بداية مرحلة جديدة؟

ثمة من يعتبر أن الهجوم يهدف إلى إحراج حزب الله أمام بيئته، ودفعه إلى ردّ قد يؤدي إلى اندلاع جولة جديدة من الحرب، تستكمل ما بدأته إسرائيل في الجولة الأولى من المواجهة الأخيرة، خصوصًا على صعيد استهداف قيادات الصف الأول في الحزب.

غير أن الحزب، وفق العارفين بأدبياته، لا يزال يتمسّك بالمعادلات القائمة منذ اتفاق وقف إطلاق النار، ويرفض تغيير قواعد الاشتباك رغم الاستفزازات، معتبرًا أن أي ردّ مباشر الآن قد يندرج في إطار “الفخ” الإسرائيلي المنصوب.

خلاصة… الضاحية في دائرة الاستهداف المفتوح

ما هو مؤكد حتى الآن أن الهجوم الأخير على الضاحية شكّل تصعيدًا نوعيًا يتجاوز الأهداف العسكرية إلى الرسائل السياسية والإعلامية، ويثير المخاوف من تحوّل الضاحية إلى هدف روتيني في “بنك الأهداف” الإسرائيلي.

في ظل هذا التصعيد، تبدو كل الخيارات مفتوحة، بانتظار ما إذا كان حزب الله سيبقى على سياسة ضبط النفس، أم أن تطورات الأيام المقبلة ستفرض معادلات مختلفة، عنوانها الأبرز: العودة إلى المواجهة المفتوحة.

⚠ تنويه: المحتوى المنشور يعكس وجهة نظر كاتبه فقط، وإدارة الموقع لا تتبنى ذلك بناءً على سياسة إخلاء المسؤولية .
بواسطة
good-press.net
المصدر
النشرة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى