صحافة ورأي

الطائفة السنيّة في لبنان: بيضة القبان الغائبة في معركة الانتخابات المقبلة

بقلم: صقر درويش

في ظل التقلّبات العاصفة التي يشهدها المشهد السياسي اللبناني، تبدو الطائفة السنيّة وكأنها الغائب الأكبر عن ميدان الصراع الانتخابي، رغم كونها تقليديًا أحد أركان التوازن الطائفي والسياسي في البلاد. هذا الغياب لا يعكس فقط فراغًا في الزعامة، بل يُظهر عمق التحولات التي تُعيد تشكيل الهوية السياسية للسنة في لبنان، قبل أشهر من الانتخابات النيابية والبلدية المصيرية.

أرشيف
أرشيف

ما بعد الحريرية: تشتّت بلا قيادة

منذ إعلان الرئيس سعد الحريري تعليق مشاركته في الحياة السياسية مطلع عام 2022، دخل الشارع السني مرحلة غير مسبوقة من الفراغ. القوى التقليدية مثل “تيار المستقبل” تراجعت، فيما لم تتمكن الشخصيات البديلة من حشد التفاف شعبي واسع، تاركة الساحة مشرّعة أمام التجاذبات الداخلية والخارجية.

وتزامن هذا التراجع مع انكفاء إقليمي من قبل السعودية عن دعم مباشر للقيادات السنية، ما عزّز حالة التشتت وغياب المشروع الموحد. مقابل ذلك، تحاول دول أخرى كـ تركيا وقطر تعزيز حضورها الاجتماعي والديني عبر دعم بعض المبادرات والمؤسسات.

دار الفتوى: محاولة لملء الفراغ من خارج السياسة

في هذا المشهد، برز دور دار الفتوى كجهة مرجعية تعمل على حماية الموقع السني في الدولة، لا سيّما في ظل محاولات المسّ بصلاحيات رئاسة الحكومة. يسعى المفتي عبد اللطيف دريان للحفاظ على وحدة الصف السني، لكنه يحرص في الوقت نفسه على الابتعاد عن الاصطفاف السياسي المباشر.

 

موقع السنة في معادلة الطوائف: دفاع عن الطائف وخوف من التهميش

تتوجس الطائفة السنية من محاولات بعض القوى المسيحية لإعادة النظر في اتفاق الطائف، الذي كرّس موقع رئاسة الحكومة للسنة وأعاد توزيع الصلاحيات التنفيذية. وفي ظل صعود خطابات تدعو إلى “توازن جديد في الحكم”، يتخوّف السنّة من أن يكونوا الخاسر الأكبر في معادلة ما بعد الطائف، خاصة إن بقي المشهد من دون قيادة موحّدة.

في المقابل، تستمر العلاقة المتوترة مع حزب الله في تشكيل عامل قلق دائم، لا سيما في ما يتعلق بالسلاح والدولة، فيما يحافظ السنة على علاقات تنسيقية مستقرة مع الزعامة الدرزية.

الانتخابات المقبلة: مشاركة مشروطة أم مقاطعة صامتة؟

مع اقتراب الانتخابات، يبرز سؤال محوري: هل يشارك السنّة بكثافة؟ أم تستمر سياسة الانكفاء أو التصويت العقابي؟ في ظل غياب برنامج سياسي جامع، واحتمال تشتّت الأصوات بين مستقلين ووجوه جديدة، تبدو الطائفة السنيّة على مفترق طرق خطير بين إعادة التموضع أو الغرق في مزيد من التهميش.

خاتمة: سنة بلا زعامة… لكن بيضة قبان منتظرة

رغم الغياب الظاهري، يبقى الوزن الديموغرافي والسياسي للطائفة السنية عنصرًا حاسمًا في أي معادلة لبنانية. والانتخابات المقبلة، بما تحمله من رهان على إعادة توزيع النفوذ، قد تعيد رسم صورة الدور السني في لبنان، سواء من خلال بروز قيادات جديدة، أو استمرار حالة الفراغ التي تهدّد أحد أركان الكيان الوطني.

⚠ تنويه: المحتوى المنشور يعكس وجهة نظر كاتبه فقط، وإدارة الموقع لا تتبنى ذلك بناءً على سياسة إخلاء المسؤولية .
بواسطة
Good-pres
المصدر
خاص good Press

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى