المفتي قبلان يدعو إلى تأكيد السيادة الوطنية وتعزيز الوحدة في الذكرى الخمسين للحرب الأهلية
في رسالة موجهة إلى الشعب اللبناني بمناسبة الذكرى الخمسين للحرب الأهلية، أكد المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان على أهمية تأكيد السيادة الوطنية فوق بلدات الحافة الأمامية التي ما زالت مدمرة،

معتبرًا أن خطابات وشعارات دون هذا التأكيد لا تحمل أي قيمة وطنية. دعا الشيخ قبلان إلى “لبننة” قضايا البلد والخروج من دائرة التبعية للخارج، محذرًا من خطورة الانقسام السياسي والاختلاف في الخيارات الوطنية الذي قد يؤدي إلى تمزيق النسيج الوطني.
اللبننة: خيار السيادة والاستقلال
شدد الشيخ قبلان على أن الحل الوحيد لحماية لبنان هو “لبننة” قضاياه بعيدًا عن الضغوط الخارجية وبرامج الأمركة التي بلغت ذروتها وتتناقض مع السيادة الوطنية. أشار إلى أن اللعبة الدولية والإقليمية تمنع الدولة اللبنانية من تأمين قوتها الذاتية أو الوقوف على قدميها، مما يجعلها عرضة للتدخلات الخارجية. وأكد أن الوحدة الوطنية ضرورة ملحة لمواجهة هذه التحديات، مشددًا على أهمية العيش المشترك ومنع أي فتنة داخلية.
مخاطر الانقسام الطائفي واللعب بالشعارات
حذر المفتي من خطورة الانقسام الطائفي والمؤامرات السياسية التي تضع البلد في خنادق الصراعات الإقليمية والدولية. اعتبر أن الثأر السياسي والأدوار الموظفة لصالح الخارج تهدد استقرار الدولة والناس، داعيًا إلى إغلاق دكاكين الارتهان الدولي وتكريس اللغة الوطنية الجامعة. كما ركز على أهمية وضع حد للإعلام المرتزق الذي يُغذي الانقسامات ويضعف الوحدة الوطنية.
ضرورة بناء دولة المواطنة
رأى الشيخ قبلان أن لبنان يحتاج إلى دولة مواطنة قوية ذات سيادة وقدرات ذاتية مناوئة لإسرائيل وإرهابها. شدد على أن النظام الحالي يجب أن يتطور نحو نظام غير طائفي يركز على حقوق المواطنة الكاملة، مؤكداً أن التطوير لن يكون سهلاً ولكنه ضروري للنهوض بقضايا الحقوق العامة في البلاد. وأشار إلى أن اتفاق الطائف يمكن أن يكون إطارًا لهذا التطوير إذا لم يتم إغلاقه سياسيًا أمام الحوار الوطني.
تحديات الاقتصاد والبنية التحتية
لفت المفتي إلى أن لبنان يعاني منذ نشأته من غياب الكهرباء والماء والضمان الشامل والبنية التحتية، بالإضافة إلى الفقر والأمية والبطالة والجرائم الاجتماعية. أكد أن الدولة تعاني من عجز مرير في تقديم الخدمات الأساسية وإدارة الأزمات، مما يتطلب تكاتفًا وطنيًا شاملًا واستثمارًا لكل أدوات القوة الوطنية.
الاحتلال الإسرائيلي وضرورة استراتيجية دفاعية
ذكر الشيخ قبلان أن الاحتلال الإسرائيلي وما تبعه من أحداث تاريخية مثل احتلال بيروت يشكل مثالاً حيًا على ضعف الدولة اللبنانية وقدرتها على الحماية الذاتية. أشار إلى أن حصر مشكلة البلد باحتكار السلاح هو خطأ استراتيجي، مؤكدًا أن الجيش والمقاومة يمثلان أساسًا وطنيًا للدفاع عن لبنان ضمن مواثيق الأمن الوطني. دعا إلى مناقشة استراتيجية دفاعية تتناسب مع طبيعة التهديدات الإقليمية والدولية.
بوسطة عين الرمانة: درس تاريخي
استعاد المفتي قبلان ذكرى بوسطة عين الرمانة كرمز للخيارات السياسية التي أشعلت الحرب الأهلية، معتبرًا أن المخاطر التي تتهدد لبنان اليوم تكمن في القرارات السياسية وليس في السلاح فقط. شدد على ضرورة تصفية القلوب والعمل على إعادة توظيف الإمكانيات الوطنية بما يخدم مصلحة لبنان.
ختامًا: لبنان أمانة الله والتاريخ
وختم الشيخ قبلان رسالته بالتأكيد على أن لبنان ليس مشروعًا عقاريًا بل وطن تاريخي ينزف من دماء أبنائه الذين حرروه وما زالوا يدافعون عن أرضه وسيادته. دعا إلى تأمين حقوق المسيحيين والمسلمين وبناء دولة ضامنة لحقوق المواطنة الشاملة التي تمنع تكرار فتنة الحرب الأهلية.