وأيضاً تنتشر بين الطلبة عادة التدخين والسجائر الإلكترونية إلى جانب الممارسات غير اللائقة بالسلوك والهندام، وبخاصة في مرحلتي التعليم المتوسط والثانوي في ما يتعلق بأسلوب اللبس والكلام وحتى المظهر الخارجي من قصات الشعر والتصرفات، التي تعد تقليداً أعمى لقيم وسلوكات سلبية وغريبة تتنافى مع البيئة الجزائرية وقيم المجتمع. وتنتشر ظاهرة غريبة أيضاً وهي تمزيق الكتب والكراريس في نهاية الموسم الدراسي، ونثرها أمام مداخل المؤسسات التعليمية.
وأمرت وزارة التربية جميع العاملين في قطاع التعليم بمواصلة عمليات توعية التلاميذ بالأخطار المختلفة لهذه الظواهر وغيرها، من خلال الحرص على تطبيق النظام الداخلي للمؤسسة، وتعزيز دور مستشاري التوجيه والإرشاد المدرسي وإشراك المجتمع المدني في تقديم برامج تربوية وتوعوية ضمن الأنشطة المكملة للمدرسة، تسهم في تحسيس التلاميذ بأخطار المظاهر الدخيلة.
أخطار صحية
ودخلت وزارة الصحة على خط الأزمة، وأصدرت بياناً حذرت فيه من الأخطار المحتملة نتيجة الإفراط في تناول دواء الدوليبران (مادة الباراسيتامول)، مؤكدة أن هذه الممارسات تشكل تهديداً حقيقياً للصحة.
ودعت من خلال التعليمة رقم 396 المؤرخة خلال الـ13 من أبريل (نيسان) 2025 جميع مديري الصحة في الولايات إلى التحلي بأقصى درجات اليقظة، والتكثيف من جهود الوقاية والتوعية وبخاصة على مستوى الوسط المدرسي، مذكرة الأولياء خصوصاً بضرورة التحسيس حول هذه الظاهرة غير المعتادة، داعية الصيادلة إلى الانتباه الشديد والمشاركة في حملة تظهر مساوئ الاستعمال السيئ والمفرط لهذا الدواء من دون مراعاة الشروط الطبية.
استجابة سريعة
واستجاب الصيادلة لتعليمات وزارة الصحة، إذ أكدت الجمعية الوطنية للصيادلة الجزائريين أن هذا التحدي الخطر يدفع بعض الشباب إلى تناول جرعات كبيرة من دواء الباراسيتامول، مما يعرض حياتهم لخطر شديد.
وأوضح بيان للجمعية، أن تناول جرعة زائدة من هذا الدواء قد يؤدي إلى تسمم خطر في الكبد وفشل حاد في وظائفه، بل ويصل إلى خطر الموت خلال ساعات قليلة فحسب.
وفي هذا السياق، دعت الجمعية الأولياء والمربين ومهنيي الصحة والشباب إلى توخي أقصى درجات الحذر تجاه هذا التحدي “السخيف والخطر”، مشددة على ضرورة عدم ترك الأدوية بما فيها الباراسيتامول، في متناول الأطفال والمراهقين، إذ إن الاستهلاك غير المراقب قد يؤدي إلى عواقب وخيمة.
وطالبت الجمعية الصيادلة بالتحلي بأقصى درجات اليقظة عند صرف دواء الباراسيتامول من دون وصفة طبية، وبخاصة بالنسبة إلى الأطفال والمراهقين، مؤكدة أن الصيدلي باعتباره أول مهني صحي في خط الدفاع الأول يعد ركيزة أساس في التوعية والوقاية الصحية.
ظاهرة دخيلة
وانخرطت المنظمة الجزائرية لحماية المستهلك في مساعي التوعية بخطورة الظاهرة وعدتها غريبة ودخيلة على المجتمع الجزائري، الذي يعد حفظ النفس إحدى مقاصد الشريعة التي آمن بها.
وأوضحت المنظمة في بيان لها أن “ظاهرة التحدي التي يروَّج لها، تخفي ضعف شخصية وقلة نظر من خلال تناول جرعات كبيرة من دواء باراسيتامول لإبراز المقاومة الجسدية ومواجهة الخطر، حسب مزاعم طائشين ومتهورين غربيين أطلقوا هذا التحدي السخيف”.
ودعت المنظمة الجزائرية لحماية المستهلك الشباب والأولياء إلى التحلي بروح المسؤولية، وطالبت الصيادلة بعدم بيعه للأطفال دون وصفة حماية لأرواحهم.
نفسياً التحدي يشكل خطراً
ويرى متخصصون في علم النفس أن “تحدي الباراسيتامول” يستهدف الهشاشة النفسية، فبالنسبة إلى شخص يعاني الاكتئاب أو تخطر له بعض الأفكار الانتحارية، تزيد هذه التحديات من احتمالية الخطر في ما يخص تصرفاته.
ويضيفون أن معظم متابعي هذا الترند مراهقون، أي إنهم في مرحلة إثبات الذات والاندفاع، وحب المغامرة والتجريب وغالباً ما يكونون في حاجة إلى القبول الاجتماعي، وهو ما يفسر المسارعة إلى تبني مثل هذه الاتجاهات على رغم خطورتها، ويقعون تحت ضغط المقارنة إذ يحقق بعضهم مشاهدات عالية وتفاعلاً كبيراً، من ثم يؤثر ذلك في تقدير المراهق لذاته وتقل ثقته بنفسه.
استغلال للمراهقين
يقول المتخصص في الصحة العامة محمد كواش إن تحدي الباراسيتامول قاتل، يُستغل فيه المراهقون خصوصاً بهدف جلب الاهتمام والتميز عن الآخرين.
وأوضح كواش في تصريح لـ”اندبندنت عربية” أن هذا التحدي لا يختلف عن باقي التحديات الخطرة التي انتشرت خلال وقت سابق، على غرار لعبة الحوت الأزرق وتحديات صعود الأماكن الوعرة والسباحة والقفز في البحر، وتسلق الأعمدة الكهربائية.
أوصت مختلف الجهات في الجزائر بعدم بيع الباراسيتامول بدون وصفة طبية (وسائل التواصل الاجتماعي)
دواء في متناول الجميع
وأشار كواش إلى أن عقار الباراسيتامول يعد الدواء الأكثر استهلاكاً في العالم، وله استعمالات كثيرة ومتنوعة ويوصف للعلاج أو التخفيف من آلام الحمى والرأس والعظام، والأذن والأسنان والكسور وبعض أنواع السرطانات والاضطرابات النفسية، ومختلف أنواع الآلام الأخرى.
وأضاف كواش أن “الباراسيتامول هو الأكثر وجوداً في السوق والأكثر تداولاً في المنازل، إذ يباع حتى من دون وصفة طبية، مما يجعله في متناول الجميع”.
وقال إنه حتى في حالات الاستهلاك العادية للدواء له آثار جانبية يحذر منها الأطباء، منها تخريب خلايا الكبد والإصابة بالقصور الكلوي، أما استهلاكه بجرعات مفرطة كما هي الحال بالنسبة للتحدي المنتشر فهو خطر وقاتل.
أعراض فرط الاستهلاك
وبخصوص أعراض التسمم بالباراسيتامول، أوضح كواش أن الخطر يبدأ بعد استهلاك من سبعة إلى 10 غرامات، لتظهر الأعراض بعد 24 ساعة ومنها التقيؤ والغثيان واضطراب التوازن، وبعد ذلك ينتقل الخطر إلى الكبد الذي يبدأ في الالتهاب مع احتمال ظهور أمراض القلب والشرايين، والطفح الجلدي والنزف المعوي والإسهال وآلام في المعدة والأمعاء، لتنتهي إلى أمراض مزمنة.
ولم يستبعد المتحدث وجود أهداف تسويقية للدواء وراء انتشار هذا الترند، داعياً الأولياء إلى الانتباه وضرورة تضافر جهود وزارة الصحة لعدم بيعه من دون وصفة.
حملات توعوية
من جهته، يقول المتخصص الجزائري في التربية بلال بن زهرير إن “ترند الباراسيتامول” القاتل للأسف دخل إلى بعض المدارس في الجزائر.
وأوضح أن هذا الترند دخيل على المؤسسات التربوية، وبما أن العالم أضحى قرية واحدة أصبحنا نرى مثل هذه التصرفات، مشيراً إلى أن الأمر جعل الأولياء في حال تجند قصوى، وأدى بوزارة التربية الوطنية إلى التدخل والتحذير من عواقب انتشاره أو تطبيقه.
وأضاف أن الترند الدخيل جعل من الطلبة يقبلون على خوض تحد ومغامرة حسب ظنهم، لكنهم يغفلون عن حجم الضرر المحدق بهم.
وأشار إلى أن الوضع أدى بالوزارة إلى إطلاق حملات توعوية تستهدف التلاميذ والأولياء معاً لتحذيرهم من هذا التحدي، مع ضرورة توفير جميع المعلومات الصحية المتعلقة بالأخطار المحتملة للإفراط في تناول دواء الباراسيتامول.
ودعا بن زهرير إلى ضرورة تجنيد الأسرة التربوية للقيام بحملات توعوية بأخطار التحدي وإشراك الأسرة الإعلامية لتحقيق نتائج ملموسة.