صحافة ورأي

ترامب: الطاغية الذي قد يُسقطه غروره وجشعه

عبر التاريخ، كانت نهاية الطغاة دومًا محتمة. من ريتشارد الثالث وكوريولانوس إلى صدام حسين والقذافي،

حملت نهاياتهم ملامح المأساة والدمار. واليوم، يرى سايمون تيسدال في مقاله المنشور في صحيفة أوبزيرفر

Good Press
Good Press

أن الرئيس الأميركي السابع والأربعين دونالد ترامب يسير على ذات الدرب، وإن كان سقوطه مرهونًا بعيوبه الشخصية أكثر من أي مؤامرة خارجية.

بقلم: سايمون تيسدال | ترجمة وتحليل good-press.net

الطغاة يسقطون دائمًا: وترامب ليس استثناءً

الطغيان، المشتق من الكلمة اليونانية القديمة “تورانوس”، يعتمد بطبيعته على الغطرسة والتسلط. وبرأي تيسدال، فإن ترامب يختلف عن الطغاة التقليديين ليس بفضل ما يرتكبه فحسب، بل لأنه، ببساطة، “أسوأ في جوانب رئيسية”.
ترامب مستعد، كما يقول الكاتب، لإيذاء أفقر الفقراء، لإحداث فوضى اقتصادية عالمية، وتهديد العالم بالإبادة النووية، مما يجعله تهديدًا متفاقمًا للسلام الدولي يوماً بعد يوم.

في عالم اليوم المترنح بين أزمات أوكرانيا وغزة، يبدو أن تحالف ترامب المحتمل مع “رجال أقوياء” آخرين مثل فلاديمير بوتين يرسم سيناريوهات مرعبة لما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع.

هل يمكن إسقاط ترامب عبر المؤسسات؟

التحدي الحقيقي الذي يواجه من يريدون إنهاء رئاسته لا يكمن فقط في معارضة سياساته، بل في البنية الجامدة للنظام السياسي الأميركي.
فالدستور الأميركي، بتشريعاته التي تحمي الرؤساء من العزل السريع، يضع عراقيل أمام محاولات الإطاحة به، لا سيما مع وجود كونغرس تهيمن عليه أغلبية مؤيدة لترامب، ونائب مخلص كـ”جيه دي فانس”.

ومع ذلك، يشير تيسدال إلى أن الغضب الشعبي المتصاعد، عبر مظاهرات حاشدة ومؤشرات اقتصادية متدهورة، يكشف عن شرخٍ حقيقي بين الدعم المؤسسي وبين المزاج العام.
استطلاعات الرأي أظهرت أن ترامب يفقد تدريجيًا دعم المعتدلين الذين كانوا حاسمين في فوز بايدن بالرئاسة السابقة.

القضاء والإعلام: خطوط الدفاع الأخيرة؟

تطلع الكثيرون إلى المحاكم لإيقاف ترامب. ورغم أن هيئة محلفين أدانته بـ34 جناية العام الماضي، إلا أن السجن لا يزال بعيدًا عنه.
في الوقت ذاته، تصطدم وسائل الإعلام، إحدى ركائز الديمقراطية الأميركية، بحملات منظمة من التضليل والتشكيك قادها ترامب نفسه.
فقد أصبحت كبريات المؤسسات الصحافية تُوصم بكونها “مروجة للأخبار الكاذبة”، في مشهد يذكر بحقب سوداء من تكميم الأفواه.

رغم ذلك، ما تزال بعض الصحف والمواقع الإخبارية تحافظ على دورها الرقابي، في معركة شرسة لتوثيق الفضائح وكشف الانتهاكات.

الغطرسة والجشع: بذور السقوط الذاتي

يرى تيسدال أن أخطر أعداء ترامب ليسوا خصومه السياسيين، ولا الصحافة الحرة، بل ترامب نفسه.
فغروره الجامح، وجشعه الفاضح، هما ما قد يدمره في نهاية المطاف.

صفقاته المشبوهة، تعامله التجاري مع أطراف أجنبية، طرد هيئات الرقابة الحكومية، كلها مؤشرات على فساد مستفحل لا يمكن أن يبقى بلا ثمن سياسي إلى الأبد.
وفي وقت تتراجع فيه القوة الاقتصادية للولايات المتحدة بسبب حروبه التجارية ومغامراته العسكرية، تتزايد عزلة ترامب حتى بين كبار داعميه في أوساط رجال الأعمال والجمهوريين التقليديين.

معركة أخلاقية.. ونهاية محتومة

المعركة ضد ترامب، كما يصورها تيسدال، ليست سياسية فقط، بل أخلاقية وإنسانية أيضًا.
في أرض وُلدت فيها الديمقراطية الحديثة، ما تزال القيم مثل العدالة والمساءلة تصارع من أجل البقاء.
ولعل الدعوات إلى التمسك بالمبادئ الديمقراطية، واستخدام جميع الوسائل القانونية، هي ما يراهن عليه كثيرون لمنع انزلاق أميركا إلى نموذج سلطوي خطير.

في النهاية، كل المؤشرات تدل على أن ترامب، في تجسيده لكل الخطايا القاتلة من الغرور إلى الطمع، يحمل في داخله بذور هلاكه.
وفيما يزداد تخبطه السياسي وعزلته، يبدو أن سقوطه، كما يسرد التاريخ عبر أمثلة الطغاة السابقين، لن يكون سوى مسألة وقت.

“نُشر في صحيفة The Observer البريطانية بتاريخ 28 أبريل 2025، وأعيد نشره عبر موقع The Guardian.”

⚠ تنويه: المحتوى المنشور يعكس وجهة نظر كاتبه فقط، وإدارة الموقع لا تتبنى ذلك بناءً على سياسة إخلاء المسؤولية .
بواسطة
good-press
المصدر
الاوبسيرفر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

هل ترغب بتثبيت تطبيق Good Press على جهازك؟