القاهرة| good-press.net|أفاد تقرير لصحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية بأن الهجوم الأوكراني النوعي، الذي نفذته عبر طائرات مسيّرة في عطلة نهاية الأسبوع الماضي، أسفر عن خسائر كبيرة في صفوف القوات الجوية الروسية، من بينها قاذفات لا يمكن لروسيا تعويضها أبداً، مما يُعد ضربة استراتيجية موجعة قد تدفع موسكو إلى إعادة حساباتها في شن الغارات على أوكرانيا.

وأشار التقرير إلى أن العملية التي أُطلق عليها اسم “شبكة العنكبوت” كانت نتيجة تخطيط سري استمر نحو 18 شهراً، حيث تم تهريب الطائرات المسيرة داخل صناديق مموّهة على متن شاحنات، ونقلها إلى مواقع إطلاق قريبة من القواعد الجوية الروسية التي تبعد آلاف الكيلومترات عن العاصمة كييف.
وقالت الصحيفة إن هذه الضربة تؤكد أن الأهداف الروسية العميقة باتت في مرمى النيران الأوكرانية حتى دون الاعتماد على الأسلحة الغربية، وهو ما يُعد رسالة سياسية وعسكرية قوية من كييف للكرملين، خاصة قبيل المفاوضات المرتقبة لوقف إطلاق النار في إسطنبول.
ضربة نوعية.. وتكاليف باهظة
أوضح التقرير أن الصور الفضائية وتحليلات الخبراء أكدت ضخامة العملية وأثرها الاستراتيجي. وقدرت المصادر الأوكرانية أن أكثر من 40 طائرة روسية تعرضت للتدمير أو لأضرار جسيمة، فيما اعترفت روسيا فقط بتضرر عدد غير محدد من الطائرات بسبب “حريق”، وهو ما شككت فيه مصادر مستقلة.
وقدرت مصادر محللة مستندة إلى معلومات مفتوحة أن عدد الطائرات المتضررة يتراوح بين 10 إلى 12 طائرة ، وهي نسبة تمثل نحو 20% من القاذفات البعيدة المدى الجاهزة لدى روسيا ، والتي تُستخدم لشن هجمات عميقة وتحمل حمولات ثقيلة، بما في ذلك الأسلحة النووية.
خسائر لا تعوّض
وصف المحلل العسكري مايكل كوفمان من مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي الضربة الأوكرانية بأنها “موجعة”، وقال إنها أدت إلى تقليص قدرة روسيا على تنفيذ ضربات بعيدة المدى، مشيراً إلى أن الخسائر لا تقتصر على الجانب العسكري فحسب، بل تطال أيضاً مكانة روسيا الدولية كقوة كبرى.
من جانبه، قال الباحث فابيان هوفمان من جامعة أوسلو إن الطائرات المستهدفة كانت من بين الأكثر جهوزية في الأسطول الروسي، بينما كانت أخرى تحت الصيانة، ما يجعل خسارتها أكثر إيلاماً.
وأضاف ويليام ألبيرك، المسؤول السابق في حلف شمال الأطلسي والباحث حالياً في مركز “ستيمسون”: إن الطائرات المستهدفة استخدمت سابقاً في قصف المدنيين والأهداف الحيوية داخل أوكرانيا، وخاصة خلال الموجات الأخيرة من الهجمات.
تحديات جديدة أمام روسيا
يواجه الجيش الروسي الآن تحديين كبيرين، وفقاً للتقرير: أولهما تناقص عدد القاذفات الاستراتيجية ، وثانيهما الحاجة إلى إعادة تقييم طريقة توزيعها وحمايتها . فقد كانت روسيا تعتمد سابقاً على تجميع الطائرات في أماكن مركزة لتنفيذ ضربات جماعية، لكن هذا الأسلوب أصبح خطيراً بعد الهجوم الأوكراني.
وقال ألبيرك إن توزيع الطائرات لتقليل الخطر سيؤدي بالضرورة إلى تراجع قدرة روسيا على شن هجمات كثيفة، مما يسهل على الدفاعات الأوكرانية التعامل معها.
وأكد أوليكسي ميلنيك، المحلل العسكري في مركز رازومكوف وضابط القوات الجوية الأوكرانية السابق، أن الطائرات التي دُمرت كانت من النوع الاستراتيجي الذي لا تستطيع روسيا تصنيعه حالياً، وأن هذه الخسائر “لا تعوّض”.
واعتبر ميلنيك أن ما حدث يُعد فشلاً ذريعاً في الاستعدادات الروسية، وسيتطلب من القيادة الروسية تقديم تفسيرات صعبة، وربما البحث عن كباش فداء داخل المؤسسة العسكرية.
غضب روسي داخلي
الهجوم الأوكراني أثار موجة غضب داخل الأوساط الموالية للحكومة في روسيا، خاصة على منصات التواصل مثل تطبيق تيلغرام . وعلق حساب “ريبار”، الذي يتابعه أكثر من مليون ونصف المليون شخص ويُعتقد أن مسؤولًا سابقًا في وزارة الدفاع الروسية يديره، قائلاً: “تم بناء ملاجئ بدائية للطائرات التكتيكية، لكن لم يُتخذ أي إجراء لحماية الطائرات الاستراتيجية، رغم أنها لم تعد تُنتج، وأي خسارة فيها لا يمكن تعويضها”.
وأشار إلى أن الثالوث النووي الروسي (الوسائل البرية والبحرية والجوية) كان دائماً يعتبر الوسائل الجوية هي الأضعف، نظراً لسهولة استهدافها، وقد يؤدي هذا الهجوم إلى تسريع الاتجاه الروسي نحو الاعتماد الأكبر على المنصات البحرية والبرية.