فيديو: شيعة العراق أقوى من إيران وقم لا تعارض النجف.. أربيل تسأل وبيروت تجيب
استضاف الكاتب هيوا عثمان رئيس تحرير شبكة 964، الباحث اللبناني مصطفى فحص، على هامش معرض الكتاب الذي انطلقت فعالياته الأربعاء

وركز الحوار على آخر التقييمات والاستنتاجات بعد شهور عاصفة ألمت بالمنطقة ولبنان والعراق، قبيل لقاء أميركي إيراني مثير ستشهده سلطنة عمان يوم السبت، وفيما يلي خلاصة السجال العراقي الإيراني.
مصطفى فحص، في حوار مع الصحفي هيوا عثمان، على هامش معرض أربيل للكتاب:
ليست المرة الأولى التي أحضر فيها الى معرض المدى للكتاب، والشكر موصول للسيد فخري كريم.
بيروت لديها رغبة بالتحسن، ولكن شروط التحسن صعبة، ليس لظروف داخلية فقط، بل لظروف خارجية قريبة وبعيدة، فلبنان خاض حرباً فرضت عليه، وهناك طرف لبناني أخطأ في التقدير والعدو استغل خطأ التقدير الذي ارتكبناه، ونتائج هذه الحرب هي تحول جيوسياسي كبير، وللأسف هناك خيار لا نحبه ولا نندمج معه لأن العدو حقق كل أهدافه، ولا أريد القول إنه انتصر لغوياً احتراماً لتضحيات وشهداء هذه الحرب.
بيروت تمر بمرحلة إرباك رغم انتهاء مرحلة الفراغ الدستوري وانتخاب رئيس حكومة جديد من خارج الصندوق، ولكن لدينا تحديات كبيرة، ويمكنني القول إن العالم تغير ولكن المنظومة الحاكمة في لبنان لم تزل تقاوم التغيير.
قرار الحرب بيد واشنطن الآن لا طهران
قرار الحرب والسلم لم يكن يوماً في لبنان، بل بيد الأخوة في طهران، ودفعنا الثمن نحن وهم، أما اليوم فقرار الحرب والسلم صار في واشنطن، وقرار السلم كان قاسياً لأنه يفرض عليك بطريقة المنتصر، ونرى اليوم ما يمارسه العدو الإسرائيلي، وعلينا أن نتلقى ذلك فقط دون أن يسمح لنا بالرد، مع أننا لا نستطيع الرد لأن هذه الفكرة انتهت، فالتوازن الاستراتيجي ومعادلة الردع التي كان يتكلم عنها الأخوة في إيران انتهت في غضون 11 يوماً فقط، واكتشفنا الهوة الكبيرة بين قدراتنا وقدرات العدو، فالأوهام التي باعتها إيران لنا وللشباب في حزب الله كانت مفضوحة وقاسية، ومن نتائج ذلك صار قرار الحرب والسلم في واشنطن، وكذلك القرار اللبناني.
وهذه آخر معلومة يمكن نشرها
عن المفاوضات الأميركية الإيرانية، يمكنني الإفصاح عن معلومة قد تكون مفضوحة الآن، الجماعة التقوا بطريقة مباشرة في إحدى الدول الأوروبية، ويبدو أن هناك لقاءً قد حدث في عاصمة آسيوية، ليست مسقط، وهذا البيان الأخير عن المفاوضات يبدو للإعلان عن شيء قد أنجز، ويبدو أن لقاء مسقط لن يكون البداية، إنما استكمال لها، ولكن ليس تتويجاً أيضاً، ونحن الآن في مرحلة لن يستطيع فيها الطرفان، الإيرانيون والأميركيون، القول إن المفاوضات قد فشلت، لأنه سيتحمل مسؤولية كارثية.
النظام في تغيير لبنانياً وعراقياً
في العراق ولبنان، يجري إعادة تأسيس المنظومتين الحاكمتين، ففي لبنان هناك صراع بين المنظومة التي أسست عام 1992 وبين التغيير وتشرين (2019)، في محاولة للانتقال، والسبب هو عدم وجود أحد من المنظومة التي حكمت، والآن سيعاد الحديث عن اتفاق الطائف مرة أخرى، حول ما إذا كان بحاجة الى تعديل أو تطوير، فاتفاق طائف جديد سيكون سيناريو مرعباً يأخذنا الى حرب أهلية، ولكن تطوير الاتفاق القديم أو تعديله، فهذا ممكن.
نفس الحالة في العراق، حيث يجري إعادة التأسيس لأن الطبقة السياسية الحاكمة والبيوت السياسية وصلت الى مرحلة الإكسباير، فالإزاحة الجيلية لم تنجح، ونظام 2003 اصطدم بتشرين، وتم قطع المرحلة الانتقالية، ومحاولة إعادة تأسيس النظام من جديد لم تنجح أيضاً، ولكن الآن مع المتغيرات في المنطقة، وخيارات إيران وأميركا حول السلم الدائم أو الحرب الكارثية، سينعكس كل ذلك على بلدينا، فرغم عدم اتصال البلدين جغرافياً، ولكن الجغرافيا السياسية متقارنة.
العلاقات الوجدانية بين إيران والعراق موجودة وتاريخية منذ 1639 ، حيث اتفاقية (سر بيل) زهاب، يوم أقر العثمانيون للصفويين، والقاجاريين من بعدهم، بالوجود الثقافي والديني في العراق، والإيراني لا يمكنه التخلي عن هذه الجغرافيا العقائدية التي حاول تسييسها، ولكن بالنمط الجيوسياسي على الأخوة في إيران أن يقتنعوا أن بغداد لا يمكن أن تُحكم من إيران، وأيضاً لا يمكن أن تُحكم ضد إيران، بمعنى أن لا يُحكم العراق ضد إيران، ولا يمكن لمن يحكم العراق أن يكون ضدها.
قم هي فرع من النجف لا يعارضها
لا يمكن وضع قم أمام النجف، فالأخيرة هي الأصل والأولى هي الفرع، فالنجف هي الأم وتحترم هذا الفرع كثيراً، لأنها تحتوي على التنوير الشيعي ولاهوتيات التحرير بعيداً عن كلاسيكيات النجف، فخصوصية قم ممتازة ومختلفة قليلاً عن النجف، ولكن يمكن القول إن النجف في قبالة طهران، وهذا الخطأ دائماً ما أصححه، فالنجف مقابل طهران وليس مقابل قم.
العراق ولبنان نقطة 3 في مفاوضات ترامب
الأولوية الإسرائيلية الأميركية اتجاه إيران تتمحور حول عدة نقاط، أهمها عدم امتلاك القنبلة النووية، وأن لا تصل صواريخها الى تل أبيب، وأن لا تزعج أذرعها الجغرافيا الإسرائيلية، أي الأراضي الفلسطينية المحتلة، أما الملف النووي فهو أولوية إسرائيلية قصوى، والصواريخ بإمكانها أن تصل الى أي عاصمة عربية، شريطة عدم وصولها الى تل أبيب، وهذه نقاط لا دخل للعراق أو لبنان أو سوريا بها، ولكن ستكون هذه الدول مشمولة ضمن النقطة الثالثة، أي وحدة الساحات، وهنا سيدخلنا الإسرائيلي الى المفاوضات.
أسوأ ظرف لشيعة لبنان منذ 1400 عام
في غزة كارثة إنسانية، وفي لبنان هناك مقتلة شيعية، وصرنا نقول لا تلازم بين السلاح والعقيدة الشيعية، لأننا تعرضنا الى نكبة لم نتعرض لمثيلها منذ 1400 سنة، منذ تاريخ نشأة الطائفة الشيعية في جبل عامل، والوصف الدقيق لما حصل لنا هو المقتلة الشيعية في لبنان، من دون مكابرة، وهذه الأضرار لن يتم ترميمها بيوم أو يومين، فهي مقتلة مع فقدان للنخبة، فالسيد حسن نصر الله كان يتحمل جزءاً من أعباء الأزمات بشخصيته هو، وحزب الله كحزب تاريخي قوي لم يعد موجوداً، وحركة أمل لم يبق منها سوى نبيه بري، وهو مترهل عمراً وتنظيمه كذلك، ورموز الطائفة الشيعية توفوا، ولا توجد مؤسسة دينية رسمية، ومن ينظر للمشهد سيدعو ربه أن تنجح المفاوضات الإيرانية الأميركية لكي نحمي ما تبقى.
الطائفة الشيعية الآن تمضي بعدة اتجاهات، فأنصار حزب الله في جهة، وأنصار حركة أمل في جهة، وأنصار اليسار الشيعي كذلك، مع جهة الشيعة التقليديين الذين يمثلهم حبيب صادق وهاني فحص، والسلاح صار خارج التداول واستخدامه سيؤدي الى حرب قاسية جداً ولا أحد سيردع العدو.
جغرافيا عقائدية بين العراق وإيران
بسبب سوء نوايانا كلبنانيين اتجاه بعضنا، وبسبب الأخطاء التي ارتكبها الإسلام السياسي الشيعي، صار الآخر يحملنا مسؤولية ما حصل، وغير مكترث للمشهد، نتيجة تراكمات، وهذا موجود سياسياً رغم تجاوزه اجتماعياً.
في العراق الوضع مرتبط بالجغرافيا العقائدية مع إيران، فآخر شرعية خارجية للنظام هي المراقد المقدسة، فهل تعتقد أن إيران تثق بنظام ما بعد 2003 حين بدأت الحساسيات العراقية بالتمظهر، وحين تمظهرت في تشرين، وتحولت المسألة الشيعية الى إشكالية شيعية، فتشرين (حراك 2019) شيعية شئنا أم أبينا.
ومن قال إيران “برا برا”؟
أنا كشيعي لبناني، صعودي الاقتصادي والعسكري والسياسي جاء من إيران، لأن إعادة ترتيب مرجعيتي من عندها، وجزء من تكويني الاقتصادي منها أيضاً، وكذلك نفوذي في الدولة، أما الشيعي العراقي فالحوزة عنده، والمرجع الأعلى عنده، والإمام علي والإمام الحسين عنده، والثروة عنده، وهنا يسأل العراقي ماذا سيعطيني الإيراني؟ فكلما زاد إحساس الشيعي العراقي بوطنيته زادت حساسيته اتجاه من يعطلها، وللأسف فسوء الإدارة الإيرانية تسببت بتفجير تشرين، وأول شعار رفع هو إيران برا برا، ومن رفعه هم شباب الجنوب، وبيوتات المراجع لم تكن بعيدة عنهم.
جيش العراق كيف تراه إيران؟
الجيش العراقي رغم تكوينه الشيعي في الغالب، ولكنه في الذاكرة الإيرانية يبقى جيش العراق، ولذا فخيارها لحماية النظام الآخر في العراق هو سلاح الحشد الشعبي، وهنا سيكون التفاوض حول شرعنة الحشد، لأنه يمثل الضمان الحقيقي للدور الإيراني في العراق.
في لبنان يتحدث الإسرائيلي والأميركي عن السلاح وهو مرتبط بالجغرافيا، وفي العراق يتحدثون عنه وهو غير مرتبط بالجغرافيا، ولذا سيكون أكثر مرونة بالمفاوضات في العراق مقارنة بلبنان.
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي