عربي ودولي

من لعب دور الضامن إلى الغائب.. هل تخلت أميركا عن أمن أوروبا؟

بيروت:good-press.net|: هذا المقال يتناول موضوع "من لعب دور الضامن إلى الغائب.. هل تخلت أميركا عن أمن أوروبا؟" بالتفصيل.

حرب أوكرانيا.. بين زخم متصاعد باتجاه الحل وخلافات عميقة
حرب أوكرانيا.. بين زخم متصاعد باتجاه الحل وخلافات عميقة 

في تحول استراتيجي غير مسبوق، بعثت الولايات المتحدة برسائل قوية تشير إلى تراجع دورها كضامن أمني لأوروبا، في خضم أزمة أوكرانيا المتواصلة منذ عام 2022.

وقد فجّر وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث الموقف بإعلانه أن “الولايات المتحدة لم تعد قادرة على أن تكون الضامن الثاني لأمن القارة الأوروبية”، في تصريح أعاد خلط الأوراق داخل حلف الناتو، وأشعل سباق تسلّح محموم في أوروبا.

وبينما كان يُنتظر أن تعزز واشنطن جهودها الدبلوماسية لإنهاء الحرب، جاء إلغاء الاجتماع الرباعي المقرر في لندن (كان سيجمع الولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا وأوكرانيا) كرد حازم على تصريحات الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الرافضة للمقترح الأمريكي للسلام، والذي تضمن تنازلات صريحة تصب في مصلحة روسيا.

صفقة ترامب… هل كانت الفرصة الأخيرة؟

بحسب تسريبات صحيفة واشنطن بوست وموقع أكسيوس، فإن المقترح الأميركي الذي قدّمه الرئيس دونالد ترامب يشمل اعترافا أميركيا رسميا بسيادة روسيا على شبه جزيرة القرم، وتنازلات أوكرانية تتضمن التخلي عن الانضمام لحلف الناتو، مقابل حزمة من الضمانات الأمنية والمساعدات الاقتصادية.

لكن زيلينسكي رفض العرض، ما أثار غضب ترامب، الذي اعتبر أن “شبه جزيرة القرم خرجت من الحسابات منذ سنوات وليست حتى موضع نقاش”.

هذا الموقف القاطع اعتبره مسؤولون أميركيون بمنزلة إغلاق الباب أمام تسوية محتملة.

ولمّح نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس إلى انسحاب كامل من المسار التفاوضي، مشيرا إلى أن “فشل كييف وموسكو في قبول الحل يعني نهاية الجهود الأميركية”.

أمريكا تسلّم أوروبا للقدر

في حديثه إلى برنامج التاسعة على “سكاي نيوز عربية”، رأى أستاذ العلاقات الدولية في جامعة جنيف، الدكتور حسني عبيدي، أن التحول في الموقف الأميركي لا يتعلق فقط بتفاصيل الصراع الأوكراني، بل يعكس توجها أعمق نحو تفكيك الالتزام التاريخي الأميركي بأمن أوروبا.

وقال عبيدي: “ما تعتبره واشنطن نقطة انطلاق للحل، تعتبره أوروبا – ومعها الأمم المتحدة – خطا أحمر. الاعتراف الروسي بالقرم هو تنازل جوهري لا يمكن قبوله لا في البداية ولا في نهاية التفاوض”، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة تحاول فرض حل نهائي على أنه مدخل لمفاوضات، وهو أمر مرفوض حتى من أقرب حلفائها الأوروبيين.

ويرى عبيدي أن الانسحاب الأميركي يضع أوروبا أمام أمر واقع جديد، لا سيما أن “أميركا تُلمّح صراحة بأن المظلة الأمنية التي وفرتها منذ الحرب العالمية الثانية قد تُرفع في أي لحظة”.

أوروبا بين مطرقة التخلي وسندان التسلح

رد الفعل الأوروبي لم يتأخر، فالمخاوف من فراغ استراتيجي تدفع القارة العجوز إلى سباق تسلح غير مسبوق.

ألمانيا عدّلت دستورها لرفع إنفاقها الدفاعي، فيما تدرس فرنسا وبريطانيا آليات تسليح مشترك.

أما بولندا، فطلبت علنا نشر رؤوس نووية فرنسية على أراضيها، في مؤشر على استعدادات لمواجهة “ما بعد واشنطن”.

وحول ذلك قال عبيدي: “الاتحاد الأوروبي بُني على أسس تنموية مدنية، لا عسكرية. التحول نحو عسكرة القارة ليس مجرد قرار سياسي، بل انقلاب في هوية المشروع الأوروبي بأسره”.

وتابع قائلا: “روسيا ليست في وضع عسكري حاسم، لكنها تُمسك بأوراق ضغط استراتيجية. أي تنازل مبكر من الغرب، كما تطالب واشنطن، سيكون بمثابة انتصار مجاني لبوتين”.

النفوذ الروسي.. ليس فقط بالدبابات

تحذيرات عبيدي لم تقتصر على الجبهة العسكرية. فقد أشار إلى نفوذ سياسي روسي متنامٍ داخل دول الاتحاد الأوروبي، من خلال دعم الأحزاب اليمينية المتطرفة، وتحفيز النزعات القومية عبر ورقة “حماية الأقليات الناطقة بالروسية”، وهي ذريعة سبق استخدامها في الهجوم على أوكرانيا.

وأوضح أن “هناك قلق حقيقي في العواصم الأوروبية من سيناريوهات شبيهة، ليس بغزو مباشر، بل بتدخل سياسي عميق في المجتمعات الأوروبية الهشة، خاصة في أوروبا الشرقية”.

حرب أوكرانيا.. بين زخم متصاعد باتجاه الحل وخلافات عميقة
⚠ تنويه: المحتوى المنشور يعكس وجهة نظر كاتبه فقط، وإدارة الموقع لا تتبنى ذلك بناءً على سياسة إخلاء المسؤولية .
بواسطة
GOOD PRESS
المصدر
SKY NEWS

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى