“هآرتس” تحذر: دعم إسرائيل للعصابات في غزة قد يجر الإقليم لحرب أهلية

تسفي برئيل، محلل الشؤون العربية-مركز الناطور
تسفي برئيل، محلل الشؤون العربية-مركز الناطور

بيروت | good-press.net | تحليل خطير نشرته صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية بتاريخ 10 يونيو 2025، حذر تسفي برئيل، محلل الشؤون العربية، من أن تبني إسرائيل للعصابات الإجرامية في قطاع غزة، تحت غطاء “العشائر”، يمكن أن يشعل حربًا أهلية مدمرة في القطاع. ويأتي هذا التحذير في الوقت الذي أقر فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتشغيل “عشائر” معارضة لحماس، على الرغم من التقارير التي تتحدث عن تسليح عصابات إجرامية يقودها تاجر المخدرات ياسر أبو شباب.

خلط متعمد بين “العشائر” و”العصابات”

يرى برئيل أن نتنياهو يخلط عمدًا بين مفهوم “العشائر” الذي يحمل طابعًا محترمًا للتعاون مع وجهاء المجتمع الفلسطيني، وبين حقيقة التعامل مع عصابات إجرامية. ويهدف هذا الخلط، بحسب “هآرتس”، إلى تسويق خطة “لليوم التالي” في غزة، يتم بموجبها إحلال حكم محلي فلسطيني يحل محل حماس وحتى السلطة الفلسطينية، التي تعتبرها إسرائيل “مؤيدة للإرهاب”.

لكن ما تغفله الرواية الإسرائيلية، وفقًا للمقال، هو أن عصابات أبو شباب ليست “عشيرة” ولا تمثل الجمهور الفلسطيني. وقد تجلى ذلك بوضوح في بيان صادر عن “ائتلاف العائلات والحمائل” في جنوب قطاع غزة في مارس 2024، والذي رفض أي تواصل مع الاحتلال وأكد على أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني. هذا الرفض يشمل عائلات كبيرة مثل النجار، المدهون، الشوا، الفرا، الأسطول، وحلس.

تحول مثير للسخرية: من ناهب إلى حارس

يشير برئيل إلى أن إسرائيل تقوم بتسليح أبو شباب، الذي أطلق على عصابته لقب “جهاز محاربة الإرهاب”، ليتحول من مجرد ناهب لقوافل المساعدات الإنسانية إلى مسؤول عن أمن هذه القوافل برعاية إسرائيل. ويتساءل برئيل بسخرية: “ما الأمر السيئ في ذلك؟”.

سوابق تاريخية وديناميكيات خطيرة

يستعرض المقال سوابق تاريخية لدول استعانت بعصابات الجريمة والميليشيات المحلية في إدارة مناطق محتلة، مثل الولايات المتحدة في أفغانستان والعراق، والإمارات في اليمن، وبشار الأسد في سوريا، وإيران في العراق، وقطر والسعودية في سوريا، وتركيا في ليبيا وشمال سوريا.

لكن برئيل يميز بين الميليشيات المرتزقة التي تعمل في دول أخرى، وبين الميليشيات المحلية التي تتحول غالبًا إلى “جيش موازٍ” يقيم “دولة داخل دولة”. هذا التطور يؤدي غالبًا إلى صراعات دموية بين الأنظمة الرسمية وهذه الميليشيات التي تصبح قوة سياسية واقتصادية تعمل لمصالحها الخاصة، وغالبًا ما تدمر البنية القانونية للدولة. ويضرب برئيل مثالًا بالعراق وسوريا، حيث تواجه الحكومات صراعًا مستمرًا مع ميليشيات محلية تمتلك سلاحًا كبيرًا وتسيطر على أجزاء من المحافظات.

هل تنسى إسرائيل درس “حزب الله”؟

تفترض إسرائيل أن هذه العصابات ستظل تحت سيطرتها، نظرًا لأنها هي من تقوم بتسليحها وتمويلها. ومع ذلك، يحذر برئيل من أن هذه الميليشيات تمتلك ديناميكيات خاصة بها، ولا تلتزم بالولاء المطلق. ويستشهد باللجان الشعبية التي نشأت في غزة بعد الانتفاضة الثانية، والتي بدلت ولاءاتها بين السلطة الفلسطينية وحماس والجهاد الإسلامي.

ويخلص المقال إلى أن “العميل الإسرائيلي”، كما يسميه البعض في غزة، سيجد نفسه في مواجهة عنيفة مع عصابات أخرى، وتنظيمات، ولجان شعبية، وعائلات كبيرة وصغيرة، وبالطبع مع حماس. هذه المرحلة هي التي يمكن أن تتطور فيها حرب أهلية دموية، يكون ضحاياها المدنيون الأبرياء، وستتحمل إسرائيل المسؤولية الكاملة عن ذلك.

ويختتم برئيل مقاله بتحذير أخير: “ربما تكون إسرائيل التي تحلم كما يبدو بإحياء جيش لبنان الجنوبي في قطاع غزة قد نسيت بأن حزب الله قد نشأ بالتوازي معه”. في إشارة إلى أن محاولات خلق قوى محلية تابعة قد تؤدي إلى نتائج عكسية تمامًا وتفضي إلى ظهور قوى معادية أكثر قوة.

 

بواسطة
Good-press.net
المصدر
مركز الناطور للدراسات
Exit mobile version