وكان مسؤولين من كلا الجانبين (الأميركي والأوروبي) قد أقروا بعدم إحراز تقدم في المحادثات، إذ يتمسّك المفاوضون بمواقفهم الراسخة.
وبحسب تقرير لصحيفة “فايننشال تايمز”، فإنه في حال نفذ ترامب تهديده، فقد أعد الاتحاد الأوروبي حزمة من الرسوم الجمركية بقيمة 21 مليار يورو على سلع أميركية مثل الذرة والقمح والدراجات النارية والملابس، كما يناقش قائمة إضافية بقيمة 95 مليار يورو من الأهداف الأخرى بما في ذلك طائرات بوينغ والسيارات ويسكي بوربون.
مفاوضات صعبة
من برلين، يقول خبير العلاقات الاقتصادية الدولية، محمد الخفاجي، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” إنه “رغم تمديد المهلة بين واشنطن وبروكسل؛ للتوصل إلى اتفاق تجاري فإن الطريق ما زالت محفوفة بتعقيدات جوهرية تعكس اختلافاً بنيوياً في السياسات الاقتصادية والتنظيمية بين الطرفين.
ويضيف: “من أبرز العقبات ملف الزراعة، إذ يرفض الاتحاد الأوروبي فتح أسواقه أمام المنتجات المعدلة وراثياً أو التي تستخدم مبيدات محظورة في أوروبا بينما تُعتبر الولايات المتحدة أكبر مصدر عالمي للذرة المعدلة وراثيا وتشكل صادراتها الزراعية إلى أوروبا أقل من 2 بالمئة من إجمالي صادراتها في هذا القطاع بسبب القيود التنظيمية الصارمة.
كذلك في ملف حماية البيانات يصر الاتحاد الأوروبي على تطبيق اللائحة العامة لحماية البيانات مما يعيق شركات التكنولوجيا الأميركية العملاقة مثل ميتا وغوغل من نقل بيانات المستخدمين بحرية، وقد سبق أن فرضت بروكسل على ميتا غرامة بقيمة 1.2 مليار يورو في 2023 لانتهاكها هذه القواعد
ويضيف الخفاجي: “أما في ملف المشتريات الحكومية فتطالب بروكسل بفتح السوق الفيدرالية الأميركية أمام الشركات الأوروبية في وقت يتمتع فيه الأميركيون بأفضلية واضحة بموجب قوانين اشترِ المنتج الأميركي”.
ويعتقد بأن “كل هذه الملفات إلى جانب الخلافات القديمة مثل القيود البيئية المفروضة على السيارات تجعل من الاتفاق مسألة سياسية بقدر ما هي اقتصادية وتتطلب توافقا مرنا وإرادة مشتركة لتجاوز المصالح الضيقة”.
تقلبات محتملة
وفي السياق، نقل تقرير لشبكة “سي إن بي سي” الأميركية، تحذيرات محللين من أن المستثمرين يجب أن يكونوا على أهبة الاستعداد لمزيد من التقلبات، حيث إن احتمال اندلاع حرب تجارية لم يتبدد تماما على الرغم من تأخير الرئيس ترامب في فرض رسوم جمركية بنسبة 50% على الاتحاد الأوروبي.
ونقل التقرير عن كبير الاقتصاديين في Berenberg، هولغر شمييدينغ، قوله:
فترة الستة أسابيع قبل فرض التعريفات الجمركية غير كافية لحل كل التفاصيل، لكنها قد تكون كافية لوضع إطار اتفاق تجاري.
الأمر يعتمد على الإرادة السياسية خاصة من الجانب الأميركي، وإذا توفرت يمكن التوصل لاتفاق شبيه باتفاقية بين أميركا وبريطانيا مع تعريفات مخفضة حوالي 10 بالمئة وردود أفعال محدودة من الاتحاد الأوروبي.
إذا فرضت أميركا تعريفات مرتفعة (20-30%)، سيلجأ الاتحاد الأوروبي لاتخاذ إجراءات مضادة كبيرة.
ترامب كمفاوض يعتمد على تكتيكات الصدمة لإجبار الطرف الآخر على التنازل، لكن الاتحاد الأوروبي لن يستسلم لذلك ويجب أن تتفاوض الأطراف كمتساوين.
فيما قال الباحث الأول في Bruegel، جونترام وولف، إنه لا تزال هناك حالة كبيرة من عدم اليقين حول ما تريده إدارة ترامب من أوروبا، وهو ما يؤثر سلباً على الأعمال والمستهلكين.
ويضيف: “الاتحاد الأوروبي قدم عروضاً لكنه لا يعرف بالضبط مطالب ترامب، وهذا أكبر عقبة في المفاوضات”، مشيراً إلى أن التكتل يتبع نهجاً وسطياً بين تنازلات بريطانيا وتصعيد الصين. ويشدد على ان الاتحاد الأوروبي قادر على الرد على تعريفات مرتفعة، خاصة عبر قطاع الأدوية والخدمات، لكنه يحاول الحفاظ على مناخ هادئ للتفاوض، وقد لا يكون ذلك كافياً في النهاية.
عقبات وخلافات
من بروكسل، يشير خبير الشؤون الأوروبية، محمد رجائي بركات، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” إلى أن “الولايات المتحدة الأميركية تشتكي من وجود خلل في ميزان المبادلات التجارية مع دول الاتحاد الأوروبي، حيث يميل الميزان لصالح الاتحاد الأوروبي، وتطالب واشنطن بتعديل المعايير الأوروبية التي تُستخدم في استيراد البضائع، بما يسمح بنفاذ المنتجات الأميركية إلى الأسواق الأوروبية”.
ويضيف: “من الأمثلة الواضحة على هذا الخلاف، رفض دول الاتحاد الأوروبي استيراد الدجاج الأميركي، بسبب استخدام مواد حافظة أثناء التخزين يعتبرها الأوروبيون مضرة بصحة المواطنين.. وهذا يعكس الفرق الكبير في المعايير، حيث تتسم المعايير الأوروبية بصرامة أكبر مقارنة بنظيرتها الأميركية، ما يعيق دخول العديد من المنتجات الأمريكية إلى الأسواق الأوروبية”.
ويوضح أن “المشكلة لا تقتصر على المنتجات الغذائية فقط، بل تشمل كذلك المنتجات الصناعية؛ فالسيارات الأميركية، على سبيل المثال، تحتاج إلى تعديلات تقنية لتتوافق مع شروط الاتحاد الأوروبي قبل السماح بدخولها إلى السوق”.
كما يشير إلى أن “الولايات المتحدة تضغط أيضاً من أجل تعديل قوانين حماية المستهلك الأوروبية، لا سيما أن هناك استخداماً واسعاً لهرمونات ومواد زراعية في أميركا تُمنع تماماً في دول الاتحاد الأوروبي، مما يشكل عائقاً إضافياً أمام الصادرات الأميركية”.