محليات

المحامي أحمد مرعي لبنان اليوم يعيش صراع على تحديد خياراته الكبرى ولا حل الا بدولة المواطنة

اجرى موقع برس نيوز الاخباري مقابلة مع نائب رئيس حزب الاتحاد اللبناني- المحامي احمد مرعي ، الذي لفت عند سؤاله عن الازمة الاقتصادية وامكانية الوصول الى انفراج قريب في الوضع الاقتصادي الى ان السياسة الاقتصادية والنقدية التي اعتمدت من قبل الحكومات المتعاقبة منذ اكثر من ثلاثين عاما، بالاضافة لواقع الفساد والهدر في الادارة والتسويات السياسية على حساب المال العام، كلها اوصلت البلاد الى ما نحن عليه اليوم، فاعتماد النظام الريعي المتفلت من القيود هو احد المداخل الخاطئة التي اعتمدت لاقتصاد هش لتفريغه من مقومات الصمود أمام المحطات والاستحقاقات الكبرى

واضاف: لبنان بلد غير منتج ويعتمد على استيراد جميع السلع، والميزان التجاري دائما مختل لمصلحة الدول المصدرة وهو امر يشكل استنزافاً كبيراً، للكتلة النقدية من العملة الاجنبية التي يتحصل عليها لبنان سواء من الانتشار اللبناني او للرساميل العربية المودعة في المصارف اللبنانية واموال المودعين اللبنانيين ، وهذا الامر كان سيؤدي الى الانهيار المالي الذي كان يؤجل مرات تلو المرات دون الاقدام على اصلاح حقيقي للاقتصاد اللبناني وتحويله الى اقتصاد منتج وموجه وتأمين الاكتفاء الذاتي لاستهلاك اللبنانيين من المنتوجات المصنعة داخليا في ظل نظام عولمة متوحش كانت السلطة السياسية تستلم لمقتضيات هذه العولمة وتبحث عن فتاتها خاصة بعدما تغير وجه المنطقة ونشات عواصم أخدت من لبنان الوظائف التي كان يؤديها في المرحلة السابقة

وبحسب مرعي فان لبنان اليوم لم يعد قادرا على مواجهة كل هذه العوامل والمتغيرات، الا باعتماد نظام اقتصادي موج يرتكز على تعزيز الصناعة والزراعة وتطويرها واصلاح الادارة ووقف الفساد واعادة هيكلتها، واصلاح القضاء وقيام ورشة حقيقية تشريعية تحدث هذه النقلة دون خوف او وجل ان لبنان بات مهددا بوجوده ولم يعد في الوقت متسعا لترف يضيع على لبنان فرصة الانقاذ السريع مما يتخبط به من ازمات

وعن ازمة الكهرباء وضرورة البحث عن حلول، قال مرعي، ازمة الكهرباء ككل الازمات اللبنانية، هي ازمة معقدة تتداخل فيها عوامل متعددة من السياسة الى التنظيم الى طبيعة الانتاج والتوزيع والمحاصصة والطبيعة الجغرافية للبنان ومناطق النفوذ والفوضى التي تعتري لبنان ومناطقه من حين الى اخر وعدم التخطيط، كلها ادت الى الواقع الكهربائي اليوم وحالة الاستنزاف الكبيرة التي يولدها للمالية العامة ، فمنذ ما يقارب الثلاثون عاما جرى اعادة تاهيل لخطوط الكهرباء، وبكلفة عالية جدا، خاصة بعد انتهاء الحرب الاهلية، ولكن تم ابقاء محطات التوليد تعمل على الفيول دون الاعتماد على الغاز او على الطاقة البديلة ومن الواضح ان كاترات النفظ واصحاب المولدات والسياسيين المنتفعين من واقع شركة كهرباء لبنان الهش كانت لا تريد لهذه الشركة ان تحقق تغييرا في انتاجها وعملها وتبقى هذه الشركة مزربا للهدر المالي ولسرقة المال العام.

واضاف مرعي، لبنان من الدول الغنية بالطاقة الشمسية وبالرياح التي يمكن ان تشكل وسائل لانتاج الكهرباء البدلية اقل كلفة واكثر احتراما للبيئة فنحن نسمع منذ سنوات طويلة بخطط اصلاح الكهرباء الا اننا نسمع جعجعة ولا نأكل طحيناً والبلد هو الخاسر الاكبر فتأهيل الكهرباء الذي جرى في فرنسا منذ اكثر من 15 سنة تحقق بكلفة متدنية لم يستطع لبنان حينها ان يحقق هذا الهدف وبكلفة اعلا.

اما لناحية الانفراج القريب والحلول، رأى مرعي ان لبنان بسبب نظامه السياسي والاقتصادي وغياب الرقابة الحقيقية على اعمال حركة المصارف ودورها في الاقتصاد الوطني والازمات السياسية المتتالية والانقسامات ونظام المحاصصة كانت من الاسباب الاساسية لعدم الوصول الى حلول ناجحة تنقذ لبنان من ازمته فالعلة هي في النظام السياسي والاقتصادي الذي يعتمده لبنان ويولد الازمات تلو الازمات ، فالخلاص من ازمات الوطن لا يمكن الوصول اليها الا بقيام دولة المواطنة لا دولة المحاصصات الطائفية واعتماد نظام اقتصادي يقوم على الانتاج وليس على النظام الريعي المتفلت

وبحسب مرعي فان السؤال الذي يطرح نفسه هل لبنان قادر على تجاوز النظام الموروث ام سيبقى اسيرا له وبالتالي تنعدم الحياة الوطنية ويبقى الوطن يتعرض للاستنزاف ؟

وعند سؤاله عن الرئاسات الثلاث واين هي اليوم مما يجري على الساحة اللبنانية ، قال مرعي: يعتمد النظام السياسي في لبنان على فصل السلطات، الا ان هذه السلطات في ظل هويتها الطائفية تفقد العديد من صلاحياتها المنصوص عنها قانوناً بسبب التداخل الطائفي وموقع الطوائف في ادارة البلاد ويصبح معها قيام ترويكا حاكمة هي الاقرب في الممارسة من النصوص الدستورية من كل سلطة من تلك السلطات ، خاصة اذا ما تعارضت المصالح بين الرئاسات من موقعها الطائفي والسياسي فيجر ذلك على الوطن انقسامات واهتزاز للوحدة الوطنية ، فاذا ما اعتمدنا النظام البرلماني بأن السلطة يجب ان تنبثق عن ارادة الشعب ، وان الاكثرية النيابية مفترض ان تشكل الحكومة في لبنان، وان تتولى مهمة ادارة شؤون البلاد مع وجود الاقلية في معارضة وطنية تعارض الحكومة بالوسائل الديمقراطية وليس باساليب النفي والالغاء ، وان الحياة الديمقراطية تقتضي التداول على السلطة من خلال الاحتكام الى ارادة الشعب عبر انتخابات نيابية صحيحة ونزيهة لا تحمل تزويرا في ارادة الناخب. هذا من حيث المبدأ اما من ناحية دور الرئاسات بانقاذ لبنان اليوم، فمن المفترض ان تتعاون تلك لا ان تتعارض وان تقدم مشروعا انقاذيا تطرحه على طاولة حوار وطني موسع يشارك فيه الجميع، لتحديد خيارات لبنان السياسية والاقتصادية بعيدا عن الولاءات التي لا تخدم المصلحة الوطنية، هذا التعاون بين الرئاسات اليوم يجب ان يكون مدخله تطبيق النصوص الاصلاحية لاتفاق الطائف بدل تعطيلها والابقاء على النصوص المؤقتة من هذا الاتفاق

وختاما ، وبرايي مرعي عند سؤاله ان كان لبنان سيصمد امام التحديات، اعتبر ان لبنان اليوم يعيش صراع، على تحديد خياراته الكبرى، وان الانقسام الداخلي يجعل من لبنان عرضة لاختناقات واقفال المخارج ذات البعد الوطني الصرف ، فهو امام منعطف ان لم تتوحد فيه الارادات الوطنية سيبقى اسير الصراعات التي تفقده منعته وتجعله مستباحا لكل طامع وغاز

وختم مرعي بالقول: لا مخرج للبنان ان لم تتوحد الارادات الوطنية على وطن تتساوى فيه المكونات الوطنية لدولة المواطنة التي تحمي ولا تهدد تصون ولا تبدد ويصبح فيه المواطن قيمة منتجة يكون فيها التميز بالكفاءة والعطاء وليس على اساس اللون الطائفي والمذهبي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

CopyRights (Abir Charara ).